ردّ الشمس لعلي عليه السلام

سؤال: بحسبِ الرواياتِ الشيعيةِ وبعض الرواياتِ السنية فإنّ الشمسَ ردّت لعلي بن أبي طالب عليه السلامُ مرتين مرةً في حياة النبيّ ومرةً بعد مماتهِ والإشكالُ الذي أريدُ أن أطرحهُ هنا هو هل الشمس تأتي من المشرق وتذهب الى المغرب كما نراها؟ ام أنّ الارض تحتنا هي التي تتحرك وتدور حول نفسها فيحدث الليل والنهار؟ ألا تشير هذه الرواية إلى أنّ الرسول والصحابة كانوا يعتقدون بأنّ الشمس هي التي تدور حول الارض؟!

: الشيخ معتصم السيد احمد

الجواب:

لم يشكل السائلُ على أصلِ حدوث هذه الكرامةِ لأمير المؤمنين عليه السلام واختصرَ إشكالهُ حول دوران الشمس حولَ الأرض بحسبِ فهمهِ للحديث، وبمعنى آخر كيف رُدّت الشمسُ وهي ثابتةٌ والأرضُ هي التي تدور حولها؟

والإجابة المختصرةُ على هذا السؤال هو أنّ الحديث بصدد بيانِ ما هو واضحٌ للحواسّ المباشرة للإنسان، فالذي يشهدهُ الإنسانُ بحواسّهِ الظاهرية هو شروقُ الشمسِ كلّ يوم من جهة الشرق وغروبها من جهةِ المغرب، وتعارفَ الناس على تحديد أوقاتِ اليوم بناءً على حركةِ الشمس من الشرق إلى الغرب، وبما أنّ تحديدَ وقتِ صلاة العصر يرتبط بشكلٍ مباشرٍ بحركة الشمس فمن الطبيعي أن يُقالَ رُدّت الشمسُ مرةً أخرى ليدرك أميرُ المؤمنين وقتَ الصلاة.

وعليه: فالحديث ناظرٌ إلى وقتِ الصلاة المرتبطِ بحركةِ الشمس شروقاً وغروباً، ولم يكن الحديثُ ناظراً إلى تحديد سببِ هذه الحركة هل هو دورانُ الشمس حول الأرض أم هو دورانُ الأرض حول نفسها؟

وكما هو واضحٌ هناك فرقٌ كبيرٌ بين وجود حركة للشمس شروقاً وغروباً وبين السبب الذي يقف خلف هذه الحركة، فالمشاهَدُ بالعيان هو حركة الشمس شروقاً وغروباً، وعندما بحث العلماءُ قديماً عن سبب ذلك تصوّروا أنّ السببَ هو دورانُ الشمس وثباتُ الأرض، وتعارفت البشريةُ على ذلك لأكثر من ثمانيةَ عشرَ قرناً من الزمان، منذ عصر بطليموس في القرن الثاني الميلادي حتى عصر كوبرنيكوس في القرن السادس عشر، حيث فسّرَ هذا العالم حركة الشمس بدوران الأرضِ حول نفسها وليس بدورانِ الشمس حول الأرض، وصحّةُ هذه الحقيقة العلمية لا يعارضُ وجود حركةٍ للشمس شروقاً وغروباً وإنما فقط تقدّمُ لنا هذه النظرية تفسيراً آخر لسببِ لهذه الحركة.