كيفَ طلبَ القرآنُ منَ الرسولِ سؤالَ منْ قبلَهُ منَ الرسل؟
سؤال: قالَ تعالى: "وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرَّحْمَٰنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ" الزخرف (45) كيفَ يطلبُ اللهُ منَ الرسولِ الأكرم (صلى اللهُ عليهِ وآلِه) سؤالَ الرسلِ من قبلهِ وعيسى أقربُهُم اليهِ رفعهُ اللهُ قبلَ بعثةِ محمدٍ ب ٥٠٠ سنة؟
الجواب:
يقولُ الطبرسيُ في تفسيرِ هذهِ الآية: "معناهُ سلْ مؤمنيْ أهلِ الكتابِ الذينَ أرسلنا إليهِم الرسلَ، هلْ جاءتهُمُ الرسلُ إلا بالتوحيد؟ وهوَ قولُ أكثرِ المفسرينَ، والتقديرُ سلْ أممَ منْ أرسلنا أو أتباعَ من أرسلنا، فحذفَ المضافَ وأقامَ المضافَ إليهِ مقامَهُ، وقيلَ إن المرادَ سلْ أهلَ الكتابَينِ التوراةِ والإنجيلِ وإن كانوا كفاراً، فإنَّ الحجةَ تقومُ بتواترِ خبرِهِم، والخطابُ وإنْ توجّهَ إلى النبيِ (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّم) فالمرادُ بهِ الأمةُ أيْ: سلوا مَنْ ذكرنا {أ جعلنا من دونِ الرحمنِ آلهةً يعبدون} أيْ هلْ جعلنا فيما مضى معبودا سوى اللهِ يعبدُهُ قومٌ؟ فإنّهُم يقولونَ إنّا لمْ نأمرَهُم بذلكَ وقيلَ معناهُ وسلِ الأنبياءَ وهمُ الذينَ جُمعوا لهُ ليلةَ الأسراءِ وكانوا تسعينَ نبيا منهُم موسى وعيسى ولمْ يسألهُم (صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلّم) لأنهُ كانَ أعلمَ باللهِ منهُمْ. عن الزهريِ وسعيدِ بن جبير وابنِ زيد" (مجمع البيان ، الطبرسي ، ج9 ، ص81-84 )
وقالَ محمدُ جوادُ مغنية في تفسيرِ الكشّاف: "إسألْ يا محمدُ أهلَ الأديانِ وأتباعَ منْ سبقكَ من الرسلْ: هلْ سمعوا بنبيٍ منَ الأنبياءِ أجازَ الشركَ، وأباحَ عبادةَ الأصنام ؟ وإذا كانَ جميعُ الرسلِ دعوا إلى التوحيدِ ونبذِ الشركِ كما دعا محمدٌ فعلامَ أيها المشركونَ تعلنونَ الحربَ عليهِ وعلى دعوتِه؟" (الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج6 ، ص549-550 )
وجاءَ فيْ تفسيرِ الميزانِ للعلامةِ الطباطبائي: "قولهُ تعالى: {واسْأل منْ أرسلنا منْ قبلكَ من رسُلِنا أ جعلنا مِنْ دونِ الرحمنِ آلهةً يعبدون} قيلَ: المرادُ بالسؤالِ منهمْ السؤالُ من أممهِم وعلماءِ دينِهم كقولهِ تعالى: {فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ}، وفائدةُ هذا المجازِ أن المسئولَ عنهُ هو السؤالُ منهم عن ما جاءتْ بهِ رسلُهم لا ما يجيبونَه من تلقاءِ أنفسهِمْ.
وقيلَ: المرادُ السؤالُ من أهلِ الكتابينِ: التوراةِ والإنجيلِ فإنّهم وإن كفروا لكنّ الحجةَ تقومُ بتواترِ خبرِهِم، والخطابُ للنبيِ (صلى اللهُ عليه وآلهِ وسلم) والتكليفُ لأمتِه.
وبعدُ الوجهينِ غيرُ خفيٍ ويزيدُ الثانيَ بعدا التخصيصُ بأهلِ الكتابينِ من غيرِ مخصصٍ ظاهر.
وقيل: الآيةُ ممّا خوطبَ بهِ النبيُ (صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلم) ليلةَ المعراجِ أنْ يسألَ أرواحَ الأنبياءِ (عليهُمُ السلام)، وقدْ اجتمعَ بهمْ، هلْ جاءوا بدينٍ وراءَ دينِ التوحيد. وقد وردتْ بهِ غيرُ واحدةٍ من الرواياتِ عنِ أئمةِ أهلِ البيتِ (عليهُمُ السلام)" (الميزان ، الطباطبائي ، ج18 ، ص83-87)
اترك تعليق