ما معنى الجمع التبرعي والجمع العرفي في كلمات العلماء؟
كامل البيضاني/ : ما معنى قول العلماء الجمع العرفي والجمع التبرعي.لو سمحتم بالتفصيل؟
الجمع العرفي هو ذلك الجمع الذي يكون بين الأحاديث المتعارضة تعارضا غير مستقر، فالتعارض قسمان : مستقر وغير مستقر ، والتعارض المستقر هو ذلك التعارض الذي يكون على نحو السلب والإيجاب ، كما لو جاءنا حديث يقول : صل صلاة الليل ، وجاءنا حديث آخر يقول : لا تصل صلاة الليل .
فهنا التنافي بين الحديثين هو على نحو السلب والإيجاب فيكون التعارض بينهما تعارضا مستقرا يؤدي إلى تساقط الخبرين عن الحجية - بعد فقدان المرجح لأي من الطرفين - حسب مشهور الأصوليين .
أما التعارض غير المستقر فهو ذلك التعارض الذي يمكن فيه الجمع بين الطرفين كما لو كان بينهما عموم وخصوص مثلا ، كما لو جاءنا حديث يقول : أدفع الصدقة للفقراء.
فهذا الحديث يوجب دفع الصدقة لعموم الفقراء العدول منهم والفاسدين ، فإذا جاءنا حديث آخر يقول : لا تدفع الصدقة للفاسدين .
فهذا الحديث الثاني خص مجموعة من عدم دفع الصدقة إليهم وهم خصوص الفاسدين ، فهنا يرى العرف أنه يمكن الجمع بين هذين الحديثين هكذا ، فيقول أن مفاد الآمر من أمره في هذين الحديثين هو : ادفع الصدقة للفقراء إلا الفاسدين منهم.
فهذا جمع عرفي يقبله العرف ويحمل كلام الناس عليه فيما إذا جاء عموم وخصوص في كلامهم لموضوع واحد.
أما الجمع التبرعي فهو ذلك الجمع الذي لا يوجد عليه شاهد من العرف العام بشكل يرفع التنافي بين الطرفين بل هو جمع يبتكره الجامع تبرعا من عنده من دون ضوابط عرفية ، ومثاله : ذكر البعض أن الصحابي سلمان الفارسي رضوان الله عليه شهد بدرا وأحدا ، وذكر غيره أن سلمان الفارسي شهد الخندق فما بعدها .
وهنا كما ترى يوجد تنافي بين الخبرين ، فالخبر الأول مفاده حضور الصحابي سلمان الفارسي معركتي بدر وأحد ، والخبر الثاني مفاده عدم حضور الصحابي سلمان الفارسي معركتي بدر واحد . فهل يمكن الجمع بين الخبرين أو لا ؟!
حاول البعض أن يجمع بين الخبرين هكذا فقال : إن حضور سلمان الفارسي يوم بدر معناه حضوره له وهو عبد ، وحضوره يوم الخندق وما بعدها حضوره له وهو حر .
وهذا كما ترى جمع تبرعي لا يوجد شاهد عليه، لا من الروايات نفسها؛ لأن مدارها على الحضور فقط من دون النظر إلى عبودية أو حرية ، كما لا يوجد عليه شاهد من الخارج - روايات أخرى - يشهد للجمع المذكور .
فهو جمع تبرعي لا يقبله العرف.
اترك تعليق