هل يُعقَلُ أنَّ النَّبيَّ (ص) لم يُوفَّقْ في اخْتِيارِ أصْحابِه؟!!

هل يُعقَلُ أنَّ علياً رَضيَ اللهُ عنه وبَاقيَ الأئمَّةِ وعُلمَاءَكم يُوفَّقونَ باخْتِيارِ الزَّوجةِ والأصْحابِ، والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لا يُوفَّقُ في اخْتِيارِ زَوجَاتِه وأصْحابِه؟

: اللجنة العلمية

     الأخُ المحتَرمُ.. السَّلامُ علَيكم ورَحمةُ اللهِ وبرَكاتُه. 

     لم يَثبُتْ أنَّ كلَّ أصْحابِ الإمامِ عليٍّ ( عليه السلام ) أو أصْحابِ الأئمَّةِ (عليهم السلام) كانُوا أخْياراً أبْراراً، بل كانَ فيهِم الصَّالِحونَ الأبْرارُ وكانَ مَن هم دونَ ذلِك، فها هو أمِيرُ المُؤمِنينَ (عليه السلام) يُخاطِبُ أصْحابَه  المُتثَاقِلينَ عن القِتالِ ويَقُول لهم: (يا أشْباهَ الرِّجالِ ولا رِجالَ، حُلومُ الأطْفالِ وعُقولُ ربَّاتِ الحِجالِ، لَودَدتُّ أنِّي لم أرَكُم ولم أعْرِفْكم مَعرِفةً جَرتْ واللهِ نَدماً وأعْقبَتْ سَدماً، قَاتلَكم اللهُ لقد مَلأتُم قَلبِي قَيحاً، وشَحنْتُم صَدرِي غَيظاً، وجَرَّعتُمونِي نَغبَ التّهامِ أنْفاساً، وأفْسدتُّم عليَّ رأيِي بِالعِصيَانِ والخُذلَانِ، حتى لقد قَالتْ قُرَيشٌ: إنَّ ابنَ أبي طَالبِ رَجلٌ شُجاعٌ ولكنْ لا عِلمَ له بِالحَربِ، ولكنْ لا رأيَ لِمَن لا يُطاعُ) (نـهج البلاغة 70، 71).

     ودَعوَى أنَّه يَلزمُ أنْ يَكونَ كلُّ أصْحابِ النَّبيِّ أخْياراً أبْراراً لا يُوجدُ عليْها دَليلٌ مِن عقلٍ ولا نقلٍ، وقد شَهِدَ عُلماءُ أهلِ السُّنةِ أنْفُسِهم بارْتِكابِ الصَّحابةِ لِلكَبائرِ وانْحِرافِهم عن الحَقِّ.

     قَال الشَّيخُ التَّفتَازانِيُّ في كِتابِه "شَرح المَقاصدِ": ((وأمَّا ما وَقعَ بينَ الصَّحابةِ منَ المُحارَبةِ والمُشاجَراتِ على الوَجهِ المَسطُورِ في كُتبِ التَّوارِيخِ، والمَذكُورِ على ألْسِنةِ الثِّقاتِ يدلُّ بظَاهِرِه على أنَّ بَعضَهُم قد حَادَّ عن طَريقِ الحَقِّ، وبَلغَ حدَّ الظُّلمِ والفِسقِ، وكانَ البَاعثُ له الحِقدَ والحَسدَ واللَّدادَ، وطَلبَ المُلكِ والرِّياسةِ، والمَيلَ إِلى اللَّذَّاتِ والشَّهوَاتِ، إذ ليس كلُّ صَحابِيٍّ مَعصُوماً، ولا كلُّ مَن لَقِيَ النَّبيَّ (صلى الله عليه وآله) بِالخَيرِ مَوسُوماً، إلا أنَّ العُلماءَ لحُسنِ ظنِّهِم بأصْحابِ رسُولِ اللهِ ذَكرُوا لها مَحامِلَ وتَأوِيلاتٍ بها تَلِيقُ، وذَهبُوا إِلى أنَّهم مَحفُوظونَ عما يُوجِبُ التَّضلِيلَ والتَّفسِيقَ صَوناً لِعَقائدِ المُسلِمينَ عن الزَّيغِ والضَّلالِ في حقِّ كِبارِ الصَّحابةِ). [شرحُ المَقاصدِ في عِلمِ الكَلامِ 2: 306].

     وجاءَ عن الشَّيخِ ابنِ عثيْمِينَ في "شَرح العَقيدةِ الواسِطيَّةِ" في سِياقِ كَلَامِه عن الصَّحابةِ: (ولا شكَّ أنَّه قد حَصلَ مِن بَعضِهِم سَرِقةٌ وشِربُ خمرٍ وقَذفٌ وزِنىً بإحْصانٍ وزِنىً بِغَيرِ إحْصانٍ) (شرحُ العَقيدةِ الوَاسِطيَّةِ 2: 292).

     ودُمتُم سَالمِينَ.