تفسير [ن والقلمِ وما يسطرون] 

(ن والقلم ومايسطرون) لدي مفهومي الخاص بي حيث تم استنتاجه من الروايات المطروحه بان ( ن) سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه واله وصحبه الاخيار اما في يخص ( القلم) المفهوم لدي انه سيدي ومولاي علي بن ابي طالب عليه السلام حيث قامو بامر من الله بكتابة الخليقه واقدارهم قبل خلقها لان رسول الله خلق من نور الله قبل خلق كل الخلائق ومن ثم خلق من نور رسول الله علي بن ابي طالب ..... راجين توضيح ذالك لنا وعن طريق اثبات الجواب الشرعي بالاسناد .

: السيد رعد المرسومي

السّلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاته 

في بادئِ الأمرِ لا بُدَّ منَ التّنبيهِ على أمرٍ في غايةِ الأهمّيّةِ، وهوَ أنّ تفسيرَ القرآنِ بالرّأي تفسيرٌ مذمومٌ، وذلكَ للنّهي في الأخبارِ المشهورةِ الواردةِ عنِ النّبيّ صلّى اللهُ عليهِ وآلِه وأهلِ بيتِه الأطهارِ في هذا الصّددِ، إذ وردَ عن النبيّ صلّى الله عليهِ وآله: « مَن فسّرَ القُرآنَ برأيه فليتبوّأ مقعدَه منَ النّار»، أو لقولِه صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ: مَن فسّر القرآن برأيه فأصابَ الحقَّ فقَد أخطأ. ووردَ عَن أبي عبدِ الله ( عليه السّلام ) أنّه قالَ : مَن فسّر القرآن برأيه ، إن أصابَ لم يُؤجر، وإن أخطأ خرَّ أبعدَ منَ السّماء . ينظر: وسائلُ الشيعة ( آل البيت )، [ج ٢٧، الحرُّ العامليّ، (ص ٢٠٢، وص205)].وغيرُ ذلكَ منَ الأخبارِ في هذا الصّدد. 

وعليهِ: فينبغي مراعاةُ هذا الأمرِ عندَ تفسيرِ القرآنِ العظيمِ، وأن نكونَ على حذرٍ شديدٍ منَ الإستنادِ إلى رأينا في بيانِ المُرادِ منه، لأنّ مَن فسّرَ القُرآنَ برأيه متقوّلٌ على اللّهِ بغيرِ علمٍ، والقول على اللّهِ بغيرِ علمٍ منهيٌّ عنهُ بَل مُحرّمٌ. والتفسيرُ لهُ ضوابط ومعاييرُ حدّدها أهلُ العلمِ ، ومِن أهمّها: أن تكونَ لهُ معرفةٌ عاليةٌ بكلامِ العربِ وبعلومِ القُرآنِ وعلومِ الحديثِ ومعرفةِ صحيحِ الأحاديثِ مِن سقيمِها، وكذلكَ ينبغي أن تكونَ لهُ معرفةٌ كبيرةٌ بالنّحوِ والأصولِ والتأريخِ ونحوِ ذلك، فحينئذٍ يحقّ لهُ أن يدخلَ هذا المُعتركَ ، وإلّا فلا يجوزُ لهُ ذلكَ. فإذا تبيّنَ هذا الأمرُ فقَد آنَ الأوانُ أن نُبيّنَ المُرادَ مِن هذهِ الآيةِ، فنقولُ وردَت عدّةُ رواياتٍ مُختلفةِ المضامين عَن أئمّةِ أهلِ البيتِ عليهم السّلام أوردَها علماؤنا في تفسيرِ هذهِ الآيةِ، فمِن ذلكَ: ما جاءَ في كتابِ الخصالِ (331 ) : عَن مُحمّدٍ بنِ سالم ، رفعَه إلى أميرِ المؤمنينَ - عليه السّلام - قالَ : قالَ عثمانُ بن عفّان : يا رسولَ اللَّهِ ، ما تفسيرُ أبجَد؟ فقالَ رسولُ اللَّه - صلَّى اللَّه عليه وآله - : تعلَّموا تفسيرَ أبجَد [فإنّ فيهِ الأعاجيبَ كلَّها ، ويلٌ لعالمٍ جهلَ تفسيرَه. فقالَ : يا رسولَ اللَّهِ ، ما تفسيرُ أبجَد؟] قالَ : أمّا الألفُ فآلاءُ اللَّهِ . . . إلى قولِه : وأمّا النّونُ فنون والقلمِ وما يسطرون ، فالقلمُ قلمٌ مِن نورٍ وكتابٌ مِن نورٍ في لوحٍ محفوظٍ يشهدُه المُقرّبونَ . 

وفي الخصالِ أيضاً (426) عن أبي جعفرٍ- عليهِ السّلام - قالَ : إنّ لرسولِ اللَّه - صلَّى اللَّهُ عليهِ وآله - عشرةُ أسماء ، خمسةٌ في القرآنِ وخمسةٌ ليسَت في القرآنِ ، فأمّا الَّتي في القُرآنِ : فمُحمّدٌ ، وأحمد ، وعبدُ اللَّه ، ويس ، ون . 

وفي كتابِ عللِ الشّرائعِ (402) ، بإسنادِه إلى يحيى بن أبي العلا الرّازي : عَن أبي عبدِ اللَّه - عليهِ السّلام – حديثٌ طويلٌ ، يقولُ في آخرهِ وقَد سُئلَ عَن قولِ اللَّهِ - عزّ وجلّ - :« ن والقَلَمِ وما يَسطُرُونَ » : وأمّا « ن » كانَ نهراً في الجنّةِ أشدّ بياضاً منَ الثّلجِ وأحلى منَ العسلِ ، قالَ اللَّهُ له : كُن مِداداً . [ فكانَ مداداً ] ثمّ أخذَ شجرةً فغرسَها بيدِه ، ثمّ قالَ: و« اليدُ » القوّةُ ، وليسَ بحيثُ تذهبُ إليهِ المُشبّهةُ. ثمّ قالَ لها: كوني قلماً. ثمّ قالَ له: اكتُب. فقالَ: يا ربّ ، وما أكتُب؟ قالَ : ما هوَ كائنٌ إلى يومِ القيامةِ. ففعلَ ذلكَ، ثُمّ ختمَ عليه وقالَ : لا تنطقنّ إلى يومِ الوقتِ المعلومِ . 

وفي كتابِ معاني الأخبار (23) ، بإسنادِه إلى سفيان بن سعيدٍ الثّوريّ : عن الصّادقِ - عليه السّلام - حديثٌ طويلٌ ، يقولُ فيه : فأمّا « نون » فهوَ نهرٌ في الجنّةِ قالَ اللَّه - عزّ وجلّ - لهُ: إجمَد! فجمدَ ، فصارَ مداداً . ثمّ قالَ للقلمِ : إكتُب . فسطَّرَ القلمُ في اللَّوحِ المحفوظِ [ ما كانَ وما هوَ كائنٌ إلى يومِ القيامةِ ، فالمدادُ مدادٌ مِن نورٍ ، والقلمُ قلمٌ مِن نورٍ ، واللَّوحُ لوحٌ مِن نورٍ. قالَ سفيان : فقلتُ لهُ : يا ابنَ رسولِ اللَّه ، بيّن لي أمرَ اللَّوحِ والقلمِ والمدادِ فضلَ بيانٍ ، وعلَّمني ممّا علَّمك اللَّهُ. فقالَ : يا ابنَ سعيدٍ ، لولا أنّكَ أهلٌ للجوابِ ما أجبتُك . ف « ن » ملكٌ يُؤدّي إلى القلمِ وهوَ ملكٌ والقلمُ يؤدّي إلى اللّوحِ وهوَ ملكٌ ، واللَّوح يؤدّي إلى إسرافيل، وإسرافيل يؤدّي إلى ميكائيل ، وميكائيل يؤدّي إلى جبرئيل ، وجبرئيل يؤدّي إلى الأنبياءِ والرّسلِ. قالَ: ثمّ قالَ لي: قُم ، يا سُفيان فلا آمنُ عليكَ.

 

وفي تفسيرِ عليٍّ بن إبراهيم (2/379 ) : حدّثني أبي ، عن إبن أبي عمير ، عن عبدِ الرّحيم القصير، عَن أبي عبدِ اللَّه - عليه السّلام - قالَ : سألتُه عن « ن والقَلَمِ ». قالَ: إنَّ اللَّهَ خلقَ القلمَ مِن شجرةٍ في الجنّةِ يُقالُ لها : الخُلد ، ثمّ قالَ لنهرٍ في الجنّةِ : كُن مداداً . فجمدَ النّهرُ ، وكانَ أشدَّ بياضاً منَ الثّلجِ وأحلى منَ الشّهدِ .ثمّ قالَ للقلمِ : اكتُب .قالَ : يا ربِّ ، ما أكتُب؟ 

قالَ : اكتُب ما كانَ وما هوَ كائنٌ إلى يومِ القيامةِ، فكتبَ القلمُ في رقٍّ أشدُّ بياضاً منَ الفضّةِ وأصفى منَ الياقوتِ ، ثمّ طواهُ فجعلَه في ركنِ العرشِ ، ثمّ ختمَ على فمِ القلمِ فلم ينطِق ولا ينطقُ بعدُ أبداً ، فهوَ الكتابُ المكنونُ الَّذي منهُ النّسخُ كلَّها ، أولستُم عرباً ؟ فكيفَ لا تعرفونَ معنى الكلامِ وأحدُكم يقولُ لصاحبِه : إنسَخ ذلكَ الكتاب .

 أوليسَ إنّما ينسخُ من كتابٍ أُخذَ منَ الأصلِ، وهوَ قولُه ( 4 ) : إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُم تَعْمَلُونَ. 

وفي تفسيرِ عليٍّ بنِ إبراهيم أيضاً (2/23) حدّثني أبي ، عَن حمّادَ بنِ عيسى ، عَن إبراهيمَ بنِ عُمر اليمانيّ ، عَن أبي الطّفيل، عن أبي جعفرٍ - عليه السّلام - ، عَن أبيه عليٍّ بنِ الحُسين - عليهم السّلام - أنّه قالَ : وقد أرسلَ إليهِ إبنُ عبّاسٍ يسألُه عنِ العرشِ : أمّا ما سألَ عنهُ منَ العرشِ ممّ خلقَهُ اللَّه ، فإنّ اللَّهَ خلقَهُ أرباعاً لم يخلِق قبلَه إلَّا ثلاثةَ أشياءٍ : الهواءَ والقلمَ والنّورَ ( الحديث ). 

وفي تفسيرِه أيضاً (2/198)، قالَ: حدّثني أبي ، عن إبنِ أبي عُمير ، عِن هشامٍ ، عن أبي عبدِ اللَّه - عليه السّلام - قالَ : أوّل ما خلقَ اللَّهُ القلمَ ، فقالَ لهُ : إكتب . فكتبَ ما كانَ وما هوَ كائنٌ إلى يومِ القيامةِ. 

وفي شرحِ الآياتِ الباهرة (2/710) : تأويلُه : أنّ اللَّهَ أقسمَ بالنّونِ والقلمِ ، و « ن » إسمٌ للنّبيّ - صلَّى اللَّهُ عليهِ وآله - . و « الْقَلَمِ » إسمٌ لعليّ - عليه السّلام - . 

وروى الحسنُ بنُ أبي الحسنِ الدّيلميّ ، عن رجالِه ، بإسنادِه يرفعُه إلى محمّدٍ بن الفضيل ، عن أبي الحسن ، موسى - عليه السّلام - قالَ : سألتُه عَن قولِ اللَّه - عزّ وجلّ - : « ن والقَلَمِ وما يَسْطُرُونَ » .فالنّونُ إسمٌ لرسولِ اللَّه و « الْقَلَمِ » إسمٌ لأمير المؤمنين . 

وهذا موافقٌ لِما جاءَ مِن أسمائِه في القرآنِ ، مثلَ : « طه » ، و « يس » ، و « ص » ، و « ق » وغيرِ ذلكَ. وسُمّيَ أميرُ المؤمنينَ بالقلمِ لِما في القلمِ منَ المنافعِ للخلقِ ، إذ هوَ أحدُ لسانَي الإنسانِ ، يؤدّي عنهُ ما في جنانِه ويبلَّغ البعيدُ عنهُ ما يبلَّغ القريبُ بلسانِه ، وبهِ تُحفظُ أحكامُ الدّين وتستقيمُ أمورُ العالمينَ ، وكذلكَ أميرُ المؤمنين - عليه السّلام -..[ينظر: تفسيرُ كنزِ الحقائقِ للميرزا المشهديّ ج13/ص410 وما بعدَها]. ودمتُم سالِمين.