هل المعيارُ بالأفضليّةِ بين الصحابة هوَ كثرةُ الروايةِ عن النبي صلّى اللهُ عليهِ وآله؟

ذكرَ المقبورُ الناصبي محمّد صابر: إنَّ الحسينَ لا يستحقُّ هذا الفضلَ المنسوبَ إليه، وإنَّ أكثرَ الصحابةِ أفضلُ منه، فلم يرو أحاديثَ كثيرةً عن النبي، إلّا أحاديثَ قليلةً لا تقارنُ بما رواهُ أبو هريرةَ، السؤالُ ما هوَ الردُّ على هذا الكلام، وهل المعيارُ بالأفضليّةِ هوَ كثرةُ الروايةِ عن النبي صلّى اللهُ عليهِ وآله؟

: الشيخ معتصم السيد احمد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :  منَ المؤكّدِ أنَّ الخبيثَ المقبورَ محمّد صابر كانَ مُعادياً للشيعةِ لكونِهم شيعةً لأهلِ البيتِ (عليهم السّلام)، فلو كانَ الشيعةُ يتولّونَ معاويةَ وابنَه يزيد لكانوا أحبَّ الناسِ إليه، والذي يستمعُ للحواراتِ التي كانَ يديرُها يتّضحُ لهُ ذلكَ بما لا يدعُ مجالاً للشكِّ، وهذا وحدهُ كافٍ للحُكمِ عليه بالنصبِ حتّى لو لم يتعرّض بشكلٍ مُباشرٍ للأئمّةِ مِن أهلِ البيتِ (عليهم السلام)، أمّا المقطعُ الذي أشارَ إليه السائلُ فقد أبدى الملعونُ فيه ما يضمرُه قلبُه مِن حقدٍ على الإمامِ الحُسين (عليهِ السلام)، وقد كانَ ذلكَ واضحاً في قسماتِ وجهِه ونبراتِ صوتِه التي فضحَت ما يضمرُه قلبُه مِن بُغضٍ وعداءٍ لأهلِ البيتِ (عليهم السّلام)، وعلى ذلكَ فالرجلُ قد صنّفَ نفسَه في الخطِّ المناوئ لأهلِ البيت، وما جاءَ على لسانِه ليسَ مجرّدَ شُبهٍ تستوجبُ الردَّ، أو دليلاً علميّاً يستدعي الوقوفَ عندَه ومناقشتَه، وإنّما مجرّدُ حقدٍ أشبهَ بحقدِ يزيد بنِ معاوية وابن زيادٍ لعنَهم الله، فما جاءَ على لسانِه ليسَ مُخالفاً لموقفِ الشيعةِ منَ الإمامِ الحُسين (عليهِ السلام) وإنّما مُخالفٌ لكلِّ المُسلمينَ بجميعِ طوائفِهم ومذاهبِهم ما عدا النواصبِ، وقد ذخرَت مصادرُ أهلِ السنّةِ بعشراتِ الرواياتِ التي تبيّنُ منزلةَ الإمامِ الحُسين وفضلَه ومكانتَه، ثمَّ يأتي هذا الأحمقُ ليقول ليسَ للإمامِ الحُسينِ (عليهِ السلام) فضيلةٌ، ظانّاً أنّه بذلكَ يردُّ على الشيعةِ ولكنّهُ في الواقعِ يردُّ على رسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) الذي قالَ: (حسينٌ منّي وأنا مِن حُسين أحبَّ اللهُ مَن أحبَّ حُسيناً، حسينٌ سبطٌ منَ الأسباط) كما أخرجَه الترمذيّ وقالَ عنه حديثٌ حسنٌ، وصحّحَه الحاكمُ على شرطِ البُخاري ومسلم وأيّدَه على ذلكَ الذهبي، فالحسينُ مِن رسولِ اللهِ ورسولُ اللهِ منَ الحُسين، فكلُّ مَن يتعرّضُ للحُسينِ فقد تعرّضَ لرسولِ الله، وكلُّ مَن ينكرُ فضلَ الحُسينِ فقد أنكرَ فضلَ رسولِ اللهِ بنصِّ هذا الحديث، كما أنَّ الحديثَ ربطَ محبّةَ اللهِ بمحبّةِ الحُسينِ وللهِ الحمدُ حُرمَ هذا الشقيُّ مِن هذهِ المنزلة، بل حتّى أبو هريرةَ الذي يدافعُ عنه هذا الأحمقُ قد روى فضائلَ الإمامِ الحُسين (عليهِ السلام) حيثُ قال: رأيتُ رسولَ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) وهو حاملٌ الحسينَ بنَ عليّ، وهو يقولُ: (اللّهمّ إنّي أحبُّه فأحبَّه) وقد صحّحَه الحاكمُ والذهبي، ولذلكَ لم يجِد أبو هريرةَ إلّا أن يدافعَ عن حبِّه لهُما عندَما اعترضَ عليه مروانُ بنُ الحكم فقالَ له كيفَ لا أحبُّهما وقد رأيتُ ما صنعَ رسولُ اللهِ بهما، ويكفي في ذلكَ ما تواترَ بينَ المُسلمينَ قولُ رسولِ اللهِ: الحسنُ والحسينُ سيّدا شبابِ أهلِ الجنّة، قالَ ابنُ كثيرٍ في البدايةِ والنهاية: قالَ الإمامُ أحمد: حدّثنا وكيعٌ، عن ربيعٍ بنِ سعد، عن أبي سابطٍ، قالَ: (دخلَ حسينٌ بنُ عليٍّ المسجدَ، فقالَ جابرٌ بنُ عبدِ الله: مَن أحبّ أن ينظرَ إلى سيّدِ شبابِ أهلِ الجنّة، فلينظُر إلى هذا، سمعتُه مِن رسولِ الله).أمّا قولهُ إنَّ أبا هريرةَ أفضلُ منهُ لكثرةِ روايتِه عن رسولِ الله، فيدلُّ على جهلِ الرجلِ وحماقتِه، حيثُ لم نسمَع بأنَّ أحداً فضّلَ صحابيّاً لكثرةِ روايتِه على غيرِه منَ الصحابةِ، وإلّا لوجبَ عليه تفضيلُه على أبي بكرٍ وعُمرَ وعثمان وجميعِ الصحابةِ لأنّهُ أكثرُهم روايةً عن رسولِ الله، وهذا ما لا يمكنُ أن يلتزمَ به، كما أنَّ كثرةَ رواياتِ أبي هريرةَ أصبحَت سبباً للشكِّ في نزاهتِه وصدقِه فكيفَ تكونُ دليلاً على فضلِه؟ حيثُ لم تبلُغ صُحبتُه لرسولِ اللهِ سنتين ومعَ ذلكَ روى عنهُ 5374 روايةً؟ وهناكَ بحوثٌ مُتعدّدةٌ تتبعَت هذا الأمرَ وحقّقَت فيه لا نريدُ التعرّضَ لها، وعليه فإنَّ أبا هريرةَ نفسهُ يقرُّ بفضلِ الحسنِ والحُسين عليه، ولم نسمَع منَ الصحابةِ والتابعينَ وجميعِ المُسلمينَ بأنَّ أحداً فضّلَه على الحُسينِ (عليهِ السلام)، وإن كانَ هناكَ فضلٌ لأبي هريرةَ أو لغيرِه منَ الصحابةِ، فهوَ مرهونٌ بمقدارِ حُبّه لأهلِ بيتِ رسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) فهُم مقياسُ الحقِّ والباطلِ بنصِّ الآياتِ والأحاديثِ الدالّةِ على وجوبِ اتّباعِهم، وقد أثبتَ التاريخُ المواقفَ المُتخاذلةَ لأبي هريرةَ وعدمِ نُصرتِه لأميرِ المؤمنينَ (عليهِ السلام) ومداهنتِه لمعاويةَ وطلبِ الدّنيا عندَه، كلُّ ذلكَ يكشفُ عن أنّه ليسَ له فضلٌ على عامّةِ شيعةِ أميرِ المؤمنينَ ناهيكَ عن فضلِه على الإمامِ الحُسين (عليهِ السلام).