الخِطَابَةُ بَيْنَ العِلْمِ وَالتَّهْرِيجِ.

مُنْتَظَرٌ الحُلُو /العِرَاقُ/: انْتَشَرَ مَقْطَعٌ عَلَى شَبَكَاتِ التَّوَاصُلِ الإِجْتِمَاعِيِّ لِأَحَدِ الخُطَبَاءِ يَقُولُ فِيهِ أَحَادِيثَ سَبَّبْتَ بِرَدَّةِ فِعْلٍ سَلْبِيَّةٍ ضِدَّ المَذْهَبِ، وَمِنْ هَذِهِ الأَحَادِيثِ:      - (أَنَا الْمَعْنَى الَّذِي لَا يَنْطَبِقُ عَلَيْهِ اسْمٌ).      - (مَنْ أَبْغَضَ عَلِيًّا وَأَحَبَّنِي فَقَدَ بَغَضَنِي، مَنْ أَحَبَّنِي وَأَبْغَضَ عَلِيًّا فَقَدَ بَغَضَنِي، وَمَنْ أَحَبَّ عَلَيًّا وَبَغَضَنِي فَقَدْ أَحَبَّنِي).       وَفِي مَقْطَعٍ آخَرَ يَنْقُلُ مَا يَعْتَبِرُهُ سِرًّا يَنْقُلُهُ السَّلَفُ الصَّالِحُ مِنْ 400 عَامٍ وَآخِرُهُمْ السَّيِّدُ الخُوئِيُّ (قَدَّسَ اللهُ سِرَّهُ) وَهَذَا السِّرُّ هُوَ:      (مَنْ يُمْسِكُ مِكْنَاسَةَ مِيثَمٍ تُقْضَى حَاجَتُهُ وَلَوْ كَانَ قَدْ انْعَقَدَ عَلَى غَيْرِهَا فِي عَالَمِ اللَّوْحِ).       مَا مَدَى صِحَّةِ هَذِهِ الأَقْوَالِ؟

: اللجنة العلمية

الجواب:

     الأَخُ مُنْتَظَرٌ المُحْتَرَمُ.. السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

 يُؤْسِفُنَا أَنْ نَقُولَ: إِنَّ بَعْضَ الخُطَبَاءِ يَمِيلُ لِلتَّهْرِيجِ أَكْثَرَ مِمَّا يَمِيلُ لِبَيَانِ العَقَائِدِ لِلنَّاسِ بِشَكْلٍ عِلْمِيٍّ وَمَنْهَجِيٍّ سَلِيمٍ، وَإِنْ دَلَّ هَذَا عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِ مُسْتَوَى الخَطِيبِ العِلْمِيِّ وَسَذَاجَتِهِ وَعَدَمِ احْتِرَامِهِ لِلدِّينِ وَالنَّاسِ.

 فَالخَطِيبُ إِنْسَانٌ مُؤْتَمَنٌ عَلَى عَقَائِدِ الدِّينِ وَالمذْهَبِ، يَنْبَغِي إِيصَالُهَا لِلنَّاسِ بِأَوْضَحِ البَيَانِ وَبِمَنْهَجِيَّةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ عَالَمِ المَنَامَاتِ وَالخَيَالَاتِ وَالأَحَادِيثِ الضَّعِيفَةِ وَالمُرْسَلَةِ وَالكَلِمَاتِ المُتَشَابِهَةِ.

 فَالدِّينُ وَالمَذْهَبُ بِحَمْدِ اللهِ تَعَالَى قَوِيٌّ جِدًّا بِأَدِلَّتِهِ العِلْمِيَّةِ وَمَبَانِيهِ العَقَائِدِيَّةِ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى مِكْنَاسَةِ مِيثَمٍ التَّمَّارِ وَلَا إِلَى الأَحَادِيثِ المُرْسَلَةِ وَالضَّعِيفَةِ أَوْ الكَلِمَاتِ المُتَشَابِهَةِ حَتَّى نُثْبِتَ حَقَّانِيَّتَهُ أَوْ نُبَيِّنَ مَنْزِلَةَ أَئِمَّتِنَا (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) أَوْ رِجَالَاتِ المَذْهَبِ بِمِثْلِ هَذِهِ الأَسَالِيبِ.

فَمِثْلُ هَذَا الكَلَامِ المُتَشَابَهِ: (أَنَا الْمَعْنَى الَّذِي لَا يَنْطَبِقُ عَلَيْهِ اسْمٌ)، الَّذِي يَحْتَاجُ إِلَى تَأْوِيلَاتٍ وَبَيَانَاتٍ تَتَنَاسَبُ مَعَ القَوَاعِدِ العَامَّةِ لِلمَذْهَبِ، نَحْنُ فِي غِنًى عَنْ ذِكْرِهِ عَلَى المَنَابِرِ حَتَّى نُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا هِيَ مَنْزِلَةُ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ (وَمَكَانَتُهُ، فَإِنَّ عِنْدَنَا مِنْ الآيَاتِ القُرْآنِيَّةِ وَالأَحَادِيثِ الشَّرِيفَةِ الصَّحِيحَةِ الوَاضِحَةِ وَالمُحْكَمَةِ مَا يُغْنِينَا عَنْ اللُّجُوءِ إِلَى المُتَشَابَهِ وَالغَامِضِ، لَكِنَّهَا حَالَةٌ نَفْسِيَّةٌ كَمَا يَبْدُو يَعِيشُهَا الخَطِيبُ يُرِيدُ مِنْ خِلَالِهَا أَنْ يَظْهَرَ لِلنَّاسِ بِأَنَّهُ كَاشِفُ الأَسْرَارِ وَفَالِقُ البِحَارِ وَأَنَّهُ الفَارِسُ المِغْوَارُ الَّذِي لَا يُشَّقُّ لَهُ فِي هَذَا الجَانِبِ غُبَارٌ.. وَهِيَ حَالَةٌ مُؤْسِفَةٌ وَاقِعًا، وَمُؤْذِيَةٌ عَقَائِدِيًّا وَمَذْهَبِيًّا، فَمِنْ حَيْثُ العَقِيدَةُ لَا يَصِحُّ الإِسْتِدْلَالُ بِالمُتَشَابِهاتِ فِي بَيَانِ حَقَائِقِ الأُمُورِ وَالأَشْخَاصِ.. وَمِنْ حَيْثُ المذْهَبُ تَكُونُ هَذِهِ المَقَاطِعُ غَيْرُ المَدْرُوسَةِ عِلْمِيًّا مَحَلَّ تَشْنِيعٍ وَاتِّهَامٍ بَالغُلُوِّ وَالبَاطِنِيَّةِ وَنَحْوِهَا.. وَهَذَا كُلُّهُ نَحْنُ فِي غِنًى عَنْهُ، وَلَسْنَا بِحَاجَةٍ إِلَيْهِ لِنُصْرَةِ مَذْهَبِنَا، وَلَا يَحِقُّ لِلخَطِيبِ مِنْ أَجْلِ إِثَارَةِ مَشَاعِرِ النَّاسِ أَوْ إِظْهَارِ فَذْلَكَتِهِ عَلَيْهِمْ أَنْ يَأْتِيَ بِمِثْلِ هَذِهِ المَقَاطِعِ المُثِيرَةِ لِلرِّيبَةِ وَإِلْقَائِهَا عَلَى المَنَابِرِ.. فَهَذَا كُلُّهُ مُخَالِفٌ لِلعِلْمِ وَالتَّقْوَى.

 نَسْأَلُهُ سُبْحَانَهُ أَنْ يُوَفِّقَ أَصْحَابَ الكَلِمَةِ الصَّادِقَةِ وَالنَّافِعَةِ لِخِدْمَةِ الدِّينِ وَالمَذْهَبِ بِمَا يَلِيقُ بِالمِنْبَرِ اِلْحُسَيْنِيِّ الشَّرِيفِ.

 وَدُمْتُمْ سَالِمِينَ.