هل القرآن انزل رحمة للعالمين ؟

ربيع الدوري/ العراق/: يدعي بعض المنحرفين بان القرآن نزل رحمة للعالمين فكيف يكون رحمة وفيه القتل وقطع الأيدي والارجل والنفي والرجم وسفك الدماء والتحريض على الحروب.. ارجو الرد على هذا الكلام وشكراً.

: اللجنة العلمية

عزيزي الأخ ربيع إنّ الله (عز وجلّ) وبصريح الآيات يصفُ القرآن الذي هو دستورُ الإسلام بأنّه هدى ورحمةٌ ونورٌ فقد قال في سورة البقرة - آية 185 (شهرُ رمضان الذي أُنزل فيه القرآن هدىً للناس وبيّنات من الهدى والفرقان).

وقد أرسلَ الله نبيّه محمداً (صلى الله عليه وآله) بهذا الدستور الكريم رحمة ًللعالميين كما ورد في سورة الانبياء (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) (107)

وغيرِها من الآيات التي تنصُّ على أنّ القرآن الذي منه تُستقى تعاليمُ الإسلام وأحكامهُ لا يوجد فيه ظلم ٌوإنّما هو دينُ الرّحمةِ والعدالة والمساواة يهدي به من إتّبعَ رضوانهُ سُبلَ السلام.

ولكنّ بعضَ الملحدينَ والمُشكّكين وأعداءَ الحق الذينَ يَغفلونَ عن معنى الجريمة وآثارِها الكبيرة والضّارة للنّاس ولا يُريدونَ الحياةَ السعيدة والآمنة للبشريّة .الذين يريدونَ أن تحكمَ البشرية شريعةُ الغاب التي يتسلّطُ بها القويُّ على الضعيف وتَسلبُ الحقوقَ وتقتلُ الأنفسَ وتُشاعُ روحُ القتلِ والسلب والسرقةِ بين الناس حتى لا يكونَ هناكَ أمنٌ ولا إستقرارٌ في أرجاءِ هذه المعمورة يَبثّون هكذا مغالطاتٍ وتشكيكاتٍ مُتناسينَ أنّ الإسلامَ جاء بهذه الأحكام والحدودِ  مِنْ قطع يَد السارق والقتل ِلمن قَتل ومحاربةِ المشركين لأجل أنْ تنعمَ البشريّةُ بحياةٍ كريمةٍ وامنة ومستقرّة وقد ذكرَ القران العلّة من هذه الأحكام كما قال في سورة البقرة ( وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179) )

فهذه الآية تقرّر أنّه لو لم يُقتَل مَن قَتل فسوفَ يتمادى في القتل ولا يكونُ المجتمعُ في مأمنٍ منه وسوف تشيعُ روحُ الجريمة ويعيشُ المجتمع حالة اللانظام.

ولو لم تُقطعْ يَدُ السارق لَتمادى السُرّاقُ ولَعاثوا في الأرض فساداً ولأصبحت أموالُ النّاس وممتلكاتهم في معرضِ النهب والضياع ولعاشَ النّاس بسبب هذه الجريمة في حالة الخوف وعدم الاستقرار وهذا يُسبّبُ الهرجَ والمرج بين الناس فلا التاجر يأمنُ على تجارته ولا المشتري يأمنُ على أمواله ولَشُلّت حركةُح التعايش والمعيشة بين الناس.

ولو لم يُقاتلْ المشركُ والكافر والظالمُ لَتسلّطَ على رِقاب النّاس بالظلم والعدوان ولَحكَمَهُم بالنظام الذي يريدهُ ولصارت فتنةٌ كبرى بين الناس كما قال الله تعالى في سورة الانفال (وَقَاتِلُوهُمْ حتى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ۚ فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (39)) فجاء الاسلام بهذه الأحكام لِيؤمِّن للناسِ الحياةَ السعيدة الآمنة التي من خلالها يحصلُ لهمُ الإستقرارُ والأمانُ ويعيشُ الناس بسلام آمنين .

فلاحظْ أخي أنّ تطبيقَ الشريعة سوفَ يُسبّب الحياةَ السعيدةَ والمستقرّة لكلّ البشرية فهذه الاحكامُ هي لهداية الناس ورحمة بهم بل فيها هداية ورحمة لمن يريدُ السرقة والقتل فبسبب هذه الأحكام سوف ينتهي السارقُ عن السرقة والقاتل عن القتل وهذا هو معنى (هدى للناس) (ورحمة للعالمين)

فهل هناك أهدى من هذا وأرحم فتلك هي الحياة الطيبة يا أولي الالباب التي تحارب الظلم والعدوان لا كما يدّعون، خاصةً إذا ماعلمتَ أنّ من لهُ اليدُ في تطبيق هذه الأحكام هو الإمامُ المعصوم فقط دون غيرهِ فالمعصومُ معصومٌ عن الظلم ولا يطبّقُ الأحكام جزافاً ومن دون ان يأخذ حيثيات الجريمة في نظر الإعتبار كما هو حال القانون الوضعي .