هَلِ التَّوراةُ مُحرّفَةٌ ؟!!

مؤمَّل عبدِ الرّحمن: دائماً نقولُ بِأنَّ التَّوراةَ (العهدُ القديمُ مُحَرَّفٌ ) كيفَ مُحَرّف وهناكَ نُصوصٌ في سِفرِ التَّكوينِ مَوجودَةٌ في القُرانِ مثَلاً أنَّ اللهَ خلَقَ الكونَ ب6 أيّامٍ؟

: اللجنة العلمية

الأخُ مؤمَّلٌ المُحترَمُ، السَّلامُ عليكُم ورحمَةُ اللهِ وبركاتُهُ 

هُنَاكَ فَرْقٌ بَيْنَ التَّوْرَاةِ الّتِي نَزَلَتْ عَلَى نَبِيِّ اللهِ مُوسَى (عَلَيْهِ السّلامُ)، وَالتَّوْرَاةِ (الْعَهْدِ الْقَدِيمَ) الْمُتَدَاوَلِ الْآنَ بَيْنَ النَّاسِ، وَالتَّحْرِيفُ وَقَعَ فِي هَذِهِ التَّوْرَاةِ الْمُتَدَاوَلَةِ بَيْنَ النَّاسِ وَإِنْ كَانَتْ تَضَمَّنَتْ شَيْئًا مِنَ الْحَقَائِقِ مِنَ التَّوْرَاةِ الَّتِي نَزَلَتْ عَلَى مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلامُ)، وَإِلَيْكَ جُمْلَةً مِنَ الْأَدِلَّةِ عَلَى ذَلِكَ:

1- هَذِهِ التَّوْرَاةُ الْمُتَدَاوَلَةُ بَيْنَ النَّاسِ كُتِبَتْ عَلَى يَدِ عَزرَا ( مُنْتَصَفَ الْقَرْنِ الْخَامسِ قَبْلَ الْمِيلَادِ) بَيْنَمَا مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ تُوفِّيَ فِي الْقَرْنِ الثَّالِثَ عَشَرَ قَبْلَ الْمِيلَادِ.

. أَي بَيْنَ مَوْتِ مُوسً وَكِتَابَةِ التَّوْرَاةِ ثَمَانِيَةُ قُرُونٍ..

وَكَانَتْ كِتَابَتُهَا بِاللُّغَةِ الْعِبْرِيَّةِ الَّتِي نَشَأَتْ بَعْدَ مَوْتِ مُوسَى بمَائَةِ عَامٍ بَيْنَمَا كَانَتِ اللُّغَةُ السَّائِدَةُ زَمَانَ مُوسى عَلَيْهِ السّلامُ هِي اللُّغَةُ الْهِيرُوغلِيفِيَّةُ لُغَةُ بَنِي إسرائيلَ فِي مِصْرَ، وَهَذَا يَعْنِي أَنَّ الْمَوْجُودَ لَيْسَ هُوَ التَّوْرَاةُ الْمُنْزَلَةُ عَلَى مُوسى عَلَيْهِ السّلامُ بِأَيِّ حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ.

2- وُجُودُ التَّنَاقُضَاتِ الْكَثِيرَةِ فِي التَّوْرَاةِ الْمَوْجُودَةِ الْأَمرُ الَّذِي لَا يُمْكِنُ قَبُولُهُ بِأَنَّهَا كَلِمَةُ اللهِ، مِنْ هَذِهِ التَّنَاقُضَاتِ:

أ.

إخْتِلَافهِمْ فِي إسْمِ اللهِ فَتَارَةً يُسَمُّونَهُ (يَهْوه) وَأُخْرَى يُسَمُّونَهُ (إيلوهيم).

ب.

إخْتِلَافُ التَّوْرَاةِ فِي مَوْضُوعِ بَدْءِ الْخَلْقِ بِشَكْلٍ عَجِيبٍ فَفِي سِفْرِ التَّكْوينِ وَحَدِهِ تَجِدُهُمْ يَذكُرُونَ أَنَّ النُّورَ خُلِقَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَبَعْدَ صَفْحَاتٍ تَجِدُهُمْ يَقُولُونَ خُلِقَ فِي الْيَوْمِ الرَّابعِ.

وَالشَّمْسُ تَجِدُهُمْ فِي السِّفْرِ نَفْسِهِ يَذكُرُونَ أَنَّهَا خُلِقَتْ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَبَعْدَ صَفْحَاتٍ تَجِدُهُمْ يَقُولُونَ خُلِقَتْ فِي الْيَوْمِ الرَّابعِ.

وَفِي سِفْرِ التَّكْوينِ نَفْسِهِ تَجِدُهُمْ يَقُولُونَ أَنَّ الْحَيَوَانَاتَ وَالطّيُورَ خُلِقَتْ أَوَّلَاً فِي الْيَوْمِ الْخَامسِ وَآدَمُ خُلِقَ فِي الْيَوْمِ السَّادسِ، ثُمَّ تَرَاهُمْ يَعُودُونَ لِيَقُولُوا أنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ أَوَّلَا ثُمَّ النَّبَاتَاتُ ثُمَّ الْحَيوَانَاتُ..

ج.

تَتَحَدَّثُ بَعْضُ نُصُوصِ التَّوْرَاةِ الْمَوْجُودَةِ عَنْ مَوْتِ مُوسى وَأَنَّهُ دَفَنَهُ الرَّبُّ وَأَنَّهُ لَا يُعرَفُ قَبْرُهُ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا..

فَهَلْ هَذَا مِنَ التَّوْرَاةِ الَّتِي نَزَلَتْ عَلَى مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلامُ) أَمْ هيَ مِنَ الْإضَافَاتِ الَّتِي كَتَبَهَا النَّاسُ..

وَهكَذَا تَجِدُ تَنَاقُضَاتٍ وَمُلَاحَظَاتٍ كَثِيرَةٍ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ وَالَّتِي لَا يُمكِنُ مَعَهَا الجَزمُ بِأَنَّ هَذِهِ التَّوْرَاةِ هِيَ كَلِمَةُ اللهِ الَّتِي نَزَلَتْ عَلَى مُوسى عَلَيْهِ السّلامُ.

. 3- نُصُوصُهَا الدَّالَةُ بِشَكْلٍ وَاضِحٍ وَصَرِيحٍ عَلَى عَقِيدَةِ التَّشْبِيهِ وَالتَّجْسِيمِ للهِ، الْبَاطِلَةِ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِلَيْكَ بَعْضَهَا:

- فِي ص24، الْفَقْرَةُ الْأولَى: ((أَنَّ الرَّبَّ ظَهَرَ لأبرام وَقَالَ لَهُ: أَنَا اللهُ الْقَدِيرُ، سِرْ أمَامِي وَكْنْ كَامِلًا)).

- وَفِي ص 204، الْفَقْرَةُ الثَّانِيَةُ : ((أَيْضًا قَوْلُ منوحٍ لِاِمْرَأَتِهِ: نَمُوتُ مَوْتًا لِأَنَّنَا قَدْ رَأَيْنَا اللهَ)).

- وَجَاءَ فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ، ص 549: ((بِأَنَّ الرَّبَّ تَرَاءَى لِسُلَيْمَانَ ثَانِيَةً كَمَا تَرَاءَى لَهُ فِي جبعون)).

- وَكَذَلِكَ جَاءَ فِي ص 431، الْفِقْرَةُ الْوَاحِدَةُ وَالْعِشْرُونَ: ((وَعَادَ الرَّبُّ يَتَرَاءَى فِي شِيلُوهُ))...

إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ النُّصُوصِ الّتِي جَاءَتْ بِهَا هَذِهِ الصَّحَائِفُ الْمُحَرَّفَةُ الدَّالَةُ عَلَى التَّشْبِيهِ وَالتَّجْسِيمِ بِشَكْلٍ وَاضِحٍ وَصَرِيحٍ.

قَالَ اِبْنُ حَجَرٍ فِي " فَتْحِ الْبَاري" نَقْلاً عَنِ الْخَطَّابِيِّ فِي رَدِّ تَصْدِيقِ النَّبِيِّ لِلْيَهُودِ فِي حَديثِ الْحَبْرِ الَّذِي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ:(( وَلَعَلَّ ذِكْرَ الْأَصَابِعِ مِنْ تَخْلِيطِ الْيَهُودِيِّ فَإِنَّ الْيَهُودَ مُشَبِّهَةٌ وَفِيمَا يَدَّعونَهُ مِنَ التَّوْرَاةِ أَلفاظٌ تَدخُلُ فِي بَابِ التَّشْبِيهِ وَلَا تَدْخُلُ فِي مَذَاهِبِ الْمُسْلِمِينَ وَأمّا ضَحِكُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ مِنْ قَوْلِ الْحَبْرِ فَيَحْتَمِلُ الرِّضَا والإنكارَ وَأمّا قَوْلُ الرَّاوِي تَصْدِيقًا لَهُ فَظَنٌّ مِنْهُ وَحُسْبَانٌ وَقَدْ جَاءَ الْحَديثُ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ لَيْسَ فِيهَا هَذِهِ الزِّيَادَةِ)).

[ فَتْحُ الْبَارِي 13: 336]

وَجَاءَ عَنِ الْإمَامِ اِبْنِ الْجَوْزِيِّ الْحَنْبَلِيِّ فِي كِتَابِهِ " دَفْعُ شُبَهِ التَّشْبِيهِ " فِي تَعْلِيقٍ لَهُ عَلَى الْحَديثِ نَفْسِهِ: ((ظَاهِرُ ضَحِكِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) الْإِنْكَارُ، وَالْيَهُودُ مُشَبِّهَةٌ، وَنُزُولُ الْآيَةِ دَليلٌ عَلَى إِنْكَارِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)).

اِنْتَهَى [ دَفْعُ شُبَهِ التَّشْبِيهِ: 206]

وَدُمْتُم سَالِمِينَ.